أهلا بيك،
أنا إسراء سيد، رحالة مصرية، أصدقائى أطلقوا عليا لقب "بنت بطوطة الغلابة" لما بدأت ألف المحافظات من حوالى 3 سنين و نص بأقل التكاليف.
"يا ترى الحكاية بدأت ازاى و فين و امتى؟"
الحكاية بدأت من زمان و أنا عندى 3 سنين، كان بابا و ماما دايما بيحبوا الخروج و الفسح، و كان كل سنة بابا و ماما بياخدونى و نسافر لمصايف تبع شغل بابا، كان من أجمل الأوقات فى حياتى، كنت باستمتع بيه جدا.
رغم انه فى مرحلة ما كنتش مدركة فيها الحياة، إلا إن كان له تأثير كبير عليا، و اخويا محمد لما اتولد انضم للرحلات السنوية و الفسح دى، لغاية إعدادى كده كان عندى حوالى 14 او 15 سنة، ما بقناش نسافر تانى إلا مرة و لا اتنين معدودين، لغاية ما بقى عندى 24 سنة و كنت اخر سنة فى الجامعة، حوالى 10 سنين.
على مدارهم علاقتى بأهلى اتوترت بشكل كبير، خاصة والدى، بسبب ان مش كل حاجة كنت باعملها كانوا راضيين عنها، بالإضافة اننا كنا فى الريف، فكان فى عيب و ما ينفعش و الناس تقول ايه، و كان تفكيرى وقتها كمان عنيد و اللى فى دماغى باعمله.
فى 2018، اخر سنة فى الجامعة كنت مسئولة عن مشروع و فريق عمل فى نشاط طلابى اسمه اناكتس.
كان جزء من شغلنا ندور على فئة او منطقة معينة تستفيد من المشاريع التنموية اللى بنشتغل عليها، وقتها كنا بنشوف قرى محتاجة مصدر دخل و كان البحث فى قرى فى محافظة الشرقية، كنت أنا و الفريق بننزل نستكشف المكان و نشوف حاله و نتكلم مع الناس ونعرف ظروفهم.
مرة منهم نزلت أنا و زميلتى سالى لقرية اسمها "بحر البقر"، كل اللى كنا نعرفه عنها نوصلها ازاى و نرجع ازاى كمواصلات، المكان لا نعرف فيه حد و لا اوله من اخره فين، كل اللى نعرفه انها قرية على قد حالها من قرى المحافظات.
وصلنا و بدأنا نتحرك بشكل عشوائى، ما انكرش ان وقتها كان جوايا خوف و رهبة ما حستهمش بالشكل ده قبل كده، و قصص و افلام بتدور فى مخى و توقعات سيئة، طبعا ما شاركتش ده مع زميلتى علشان ما اوترهاش معايا، لكن فى النهاية الواقع فاجئنى.
الدنيا كانت أمان و الناس طبيعيين و عاديين وودودين كمان، لدرجة إن فى أسرة مسكت فينا لغاية ما اتغدينا و شربنا الشاى، زى ما معروف عن أهل الريف كرمهم و جمالهم، رغم اننا لسه عارفينهم، فى ثانية أكلنا عيش و ملح سوا، و افتكر طفلة فى الأسرة دى كان اسمها أسماء رسمت لى على ورقة انها بتحبنى، و ابنهم وصلنا لغاية موقف العربيات.
أنا رجعت اليوم ده باندهاش و ابتهاج لا يوصف، الكلام ده فى شهر مارس فى اليوم العالمى للمرأة، يومها عشقت السفر بالشكل ده، و اتولد جوايا شعور انى عايزة اعمل كده تانى و تالت و مليون لبلاد تانية كتير، كبيرة كانت او صغيرة، و حطيت نية انى هابدأ الف المحافطات.
ازاى و امتى، ما اعرفش!
بعدها بحوالى 3 شهور فى يوليو 2018، كنت مكتئبة و فى حالة صعبة كان بيتخللها شعور بالوحدة و الغربة وسط حاجات كتير كنت باعملها فى المرحلة دى، وقتها بدأت رحلتى للمحافظات من باب الترفيه و التنفيس و الاستكشاف و اشباع الرغبة دى عندى، من وقت ما جربتها فى اناكتس، و انى اخرج نفسى من المرحلة التقيلة دى.
بدأت باسكندرية و اسماعيلة مع اختى سمر و زميلة ليا فى اناكتس هبة، و من بعدها عيون موسى، كنت لوحدى تماما، السفريات بدأت تأثر فيا، و بقيت احكى عنها على البروفايل بتاعى على الفيس بوك، و كل مرة قصة و عبرة ومخاطرة و درس جديد (خاصة انى كنت باحاول اسافر باقل تكلفة).
بعدها بدأت اطول و بدل ما الرحلة كانت يوم رايح جاى، بقت ممكن تستمر ليومين تلاتة، و كمان بدأت احط نية و فعلا كل ظروف السفرية كانت بتصب فيها و باطلع منها بدروس و امور بادركها و بارجع اطبقها فى حياتى.
التطور ما وصلش لهنا بس، التطور وصل انى اخدت قرار انى يوم او يومين او حتى تلاتة مش كفاية.
فى احد المرات و انا راجعة من الشغل باعدى على منطقة على المحور اسمها المنصورية، كلها نخل كتير كده و مزارع، تمنيت وقتها انى اروح مكان كده و اعيش فيه مدة وسط اهله اشوف طباعهم و اعيش مع الطبيعة و اتعرف على تفاصيلها.
و يشاء القدير ان الامنية دى تتحقق و تيجى كورونا و تحبسنا فى البيت و انا ما استحملتش و اقرر اروح سيوة كزيارة لمدة 4 ايام، و ارجع القاهرة، ما استحملش اروح تانى لمدة اسبوعين و اقضى العيد هناك، و قررت انى كده مش كفاية، انا عايزة اقعد لغاية اما اشبع من المكان.
و تتحقق الامنية زى ما تخيلت و اعيش فى بيت سيوى، و اشوف عاداتهم و تقاليدهم و اتعلم منهم، و ادخل مزارعهم و اتأثر بالطبيعة الخلابة هناك، و اخدت شقة هناك، قعدت هناك حوالى 4-5 شهور، و فى النص بارجع القاهرة ازور اهلى و اشوف اصحابى.
دى كانت اخر رحلة طويلة ليا فى سبتمبر 2020، الرحلة دى رجعت منها بدروس و اعادة حسابات لحياتى، بسبب الطبيعة هناك و الهدوء و السكون، بالاضافة لأهل سيوة و علاقتهم الطيبة ببعض و مع الغريب، قررت اوقف السفر شوية و اخلى رتم حياتى بطيىء علشان احدد بوضوح و صراحة مع نفسى أنا عايزة ايه و اركز عليه فى كل جوانب حياتى، لعلى أصل الى الاتزان.
من 2018 ل 2022، حوالى 3 سنين و نص:
زرت حوالى 20 مدينة وقرية، على مدار 16 محافظة، و فيه اللى زرته اكتر من مرة واحدة كمان.
من ضمن الخلاصات و الإدراكات اللى طلعت بيها من الرحلات الجميلة دى، خاصة سيوة، و رجعت أطبقها فى حياتى و أعيشها:
إن الحياة من غير تواصل مع الله و عبادة ليه و تفكر، و من غير علاقة طيبة مع الأهل، و من غير ناس بتحبنا حوالينا، نتشارك معاهم الحلو و الوحش، حياة ماسخة ما لهاش طعم، بالترتيب كده.
يا رب نكون محققين انجازات كتير، او مشهورين او معانا فلوس كتير، الا ان دايما هيبقى فى جزء خاوى جوانا من غيرهم.
هاختم كلامى بإن السفر حقيقى كاشف، و إن الرحلة دايما بتعلم، بتأثر، و بنشوف من خلالها نفسنا الحقيقة.

No comments:
Post a Comment